الأزياء الإسلامية: بين الأصالة والأناقة

فكرة ذكية خطرت عام ٢٠٠٦ في ذهن رجل الأعمال الماليزي داتو رجاء رضا شاه، أراد من خلالها إطلاق فعاليات تسعى إلى ضم الأزياء الإسلامية إلى الأزياء العالمية، لمَ لا والأزياء التقليدية المتداولة في المجتمعات الإسلامية ليست كما يريد البعض لها أن تمثل رمزاً للقصور والتبعية، أو نفقاً ثقافياً مظلماً دون مخرج. وإذا تعمقنا قليلاً فسنجد أنها ترمز للحشمة والأنوثة والإلتزام وحتى الجاذبية. فما المانع إذاً أن تتطور وتخرج من نمطيتها لتأخذ لمسةً عصريةً عالميةً طالما أنها تراعي الأعراف والتقاليد، ولا تتضارب المبادرة التي ستحملها إلى العالمية مع النصوص الدينية.

وهكذا بدأت الفكرة تتحول إلى واقع ملموس على يد مجموعة من أشهر مصممي الأزياء من دول إسلامية آسيوية خاصة ماليزيا وأندونيسيا، وجاءت النتائج مبهرة، تظهر مدى فاعلية المبادرة. فقد إجتاحت بسرعة قياسية دور الأزياء العالمية، ومن ضمنها دور العروض الغربية الشهيرة، بل أنها منحت هذا القطاع جرعة جديدة من الأكسجين بعد التعثر الناتج عن عملية البحث المضني عما هو جديد في عالم يلهث باستمرار وراء التجديد، حتى على حساب اجترار موضات قديمة عفا عليها الزمن. وكانت المفاجآت من الجانب الآخر لما يمكن لآلة الموضة الجاهزة أن تقدمه من إمكانات لإضفاء الكثير من الأناقة والتميّز على الزي الإسلامي من قبل مبدعين ينتمون إلى ثقافات مختلفة جداً، إستوعبوا أن عليهم الاحـتفاظ بميزة الإحتشام التي تنفرد بها الأزياء الإسلامية، وأن يكون الحجاب هو محور تصاميمهم، ولا مانع من إطلاق العنان لابتكاريتهم في إختيار الأشكال والألوان والنقوش. فتارة يأخذ الحجاب هيئة قبعة، ويأخذ تارة أخرى هيئة شال، في تناسق فريد مع سترات مختلفة الأشكال والألوان، وفي كافة الأحوال هناك الحجاب والأناقة والأنوثة الخفيّة غير المبتذلة، تعوض المرأة قيمة ومكانة رفيعتين، بعد مغالاة في كشف المفاتن أحياناً استمرت لعقود وكادت أن توصل عالم الموضة إلى طريق مسدود.

هذه الأزياء أصبحت منتشرة في شتى دور الأزياء العالمية، صحيح إنه قد لاتتوافر جمعيها في الأسواق إلا إنه من خلال مواقع الإعلانات المجانية المصغرة أصبح من الممكن العثور على العديد من تلك الأزياء المبهرة والأنيقة وإن كانت مستعملة أحياناًُ. من خلال ما سبق نرى بأن عروض الموضة الإسلامية أصبحت أكثر حضوراً على الخشبات العالمية، خاصة الأوروبية منها، فقد أصبحنا نشهد أكثر من عرض مخصص للأزياء الإسلامية، يعمد المصممون في أسبوع الموضة المخصص للمحجبات، إلى تقديم المرأة المحجبة كامرأة عصرية بامتياز، يمكنها متابعة تفاصيل الموضة وارتداء أحدث القصّات، التي باتت تتوجه نحو البساطة والعملية، فلا تحد من حركة المرأة، وإلى استبدال اللون الأسود الوحيد للعباءة النسائية، بشكل لا يُفقدها رونقها، بل على العكس، فقد أحيطت بمجموعة من الإكسسوارات تضفي رونقاً خاصاً على إطلالتها كمرأة عصرية.