اليوم أنا سأرحل

الهاتف يرن ... رائحة النوم تجوب المكان .. الهاتف لا زال يرن .. من هذا الأخرق الذي يتصل الأن ... الهاتف لا يزال يرن ... أفتح عيني بصعوبة ... أحاول فك شيفرة إسم المتصل ... لا استطيع ... فأرد ... إنه صوت احداهن .. صوت ناعم .. صوت ملائكة تسأل عن مكان وجودي ... ملائكة تريد رؤيتي .. ملائكة تبحث عني ... أنهض من السرير بسرعة .. اغسل وجهي .. أسناني ... أشاهد نفسي في المرأة مرة وإثنان أو ربما ألف مرة .. ألبس أفضل لباس ... لا أملك الكثير .. لكن أحاول أن تكون ثيابي متناسقة ... فأنا سألاقي اليوم أجمل فتاة .. أخرج مسرعا .. أحاول مع كل خطوة تذكر الحديث الذي دار بيننا المرة الفارطة .. لا أريد أن أنسى شيء ... ربما سأتناسى لأثير غضبها .. فأنا أعشق ملامح وجهها وهي غاضبة ... أمر بين الأزقة و أنا أتذكر صوت ضحكتها ... يشرد ذهني ... ربما أضحك ... ربما أخاطب نفسي ... أسير وحيدا .. أسير مسرعا ... أسير بين السيارات ... سيشتمني سائق مررت أمامه.... سيشتمني مار اصطدمت به ... أنا لا أبالي .. أنا انتظر لحظة رؤية ملاكي ... أسير ... أسير ... يصدمني نور... نور وجهها ... بريق عينها .... انها هي .. نعم ... لا بد أن أتظاهر أني غير معجب بها ... نعم ... سأسأل عن صحتها ... عن دراستها ... عن عائلتها ... عن وجبة الغداء .... ربما سأسألها لماذا لا ترد على الهاتف ... نعم سأتظاهر ... سأحاول التظاهر ... نعم سأتظاهر ... أنا لا استطيع .... لا استطيع .... لا استطيع ... فمجرد نظرة إلى عيناها ستقود يدي إلى يدها ... اميرتي خجولة ... سيحمر وجهها ... ستتلعثم في الكلام .... ستنظر إلى الأرض .... سأسألها عن الرقص .... سترفع رأسها وتجيب ...نعم ستجيب ... لن تسكت ... ستواصل الحديث .. وكأني بهذا السؤال قد بعثت فيها الروح من جديد ....كلانا نعشق السفر ... هي تعشق السفر في المكان وأنا أهوى السفر في الزمان ... ستحدثني عن برشلونة.... ستحدثني عن أمستردام .... ستحدثني عن فرنسا ...ستحدثني عن مغاماراتها ... ستنهي حديثها في كل مرة بضحكة هادئة تنخر كياني ... لا أجيب ... سأكتفي بالنظر إليها ... لا أعرف ... ربما لأني لا اسافر .. فأنا لا أعرف برشلونة لا أعرف أمستردام ... لم ازر الصومال حتى ... ربما أريد النظر إلى شفتيها وهي تضحك .... أو ربما أريد تقبيلها ... لا أعرف حقا أنا لا أعرف ... هي تقوم بأعمال جنونية ... هي تريد أن تعلمني الرقص .... تريد أن تعلمني الرقص أمام الجميع ... أنا أرفضه بتعلة الخجل ... أنا لا أخجل ... أنا فقط أغار عليها ... لا أريد جلب الانتباه..... لا أريد أن ينظر إليها أحد .... انها لي ... انها ملكي ... لا أريد أن يتشارك معي أحد جمالها ... أنا اعشق عيناها ... أنا أحبها لي وحدي ... أنا ... أنا .... أنا.... ربما تحدثت كثيرا عن نفسي ... اليوم أنا سأرحل .... ستبقى تلك المجنونة الراقصة المسافرة أجمل ذكرى .... قد أحبك فلا تحبني ... قد أحبك فأمنعيني ... قد أحبك فأرفضيني...اليوم أنا سأرحل